{وَكَذَلِكَ} أي: مثل ذلك، يعني: ما تقدم من آيات القرآن، {أَنزلْنَاهُ} يعني: القرآن {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ} {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} يعني: عبدة الأوثان، {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} يحكم بينهم، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} {أَلَمْ تَرَ} ألم تعلم، وقيل: {أَلَمْ تَرَ} تقرأ بقلبك {أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ}.قال مجاهد: سجودها تحول ظلالها. وقال أبو العالية: ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع ساجدا حين يغيب ثم لا ينصرف حتى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه. وقيل: سجودها بمعنى الطاعة فإنه ما من جماد إلا وهو مطيع لله خاشع له مسبح له كما أخبر الله تعالى عن السموات والأرض {قالتا أتينا طائعين} [فصلت: 11]، وقال في وصف الحجارة {وإن منها لما يهبط من خشية الله} [البقرة: 74]، وقال تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44]، وهذا مذهب حسن موافق لقول أهل السنة.قوله: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} أي: من هذه الأشياء كلها تسبح الله عز وجل: {وكثير من الناس}، يعني المسلمين. {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} وهم الكفار لكفرهم وتركهم السجود وهم مع كفرهم تسجد ظلالهم لله عز وجل. والواو في قوله: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} واو الاستئناف.{وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ} أي: يهنه الله {فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} أي: من يذله الله فلا يكرمه أحد، {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} أي: يكرم ويهين فالسعادة والشقاوة بإرادته ومشيئته.